إقتراحات للبحث
2025-01-08 11:46:58
(وقفات مع آيات)
لا مَفْزع للناس عند حلول المصائب إلا لكتاب ربهم، يستنيرون بنوره، ويهتدون بهداه. وما نزلت بهم نازلة ولا حلَّت بهم مصيبة إلا والـمَخْلص منها في هذا الكتاب المبارك.
قال جل شأنه: (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [المائدة: 15-16].
وهذه آيات من سورة الأنفال جديرة بالتدبر، ذكر الله فيها ما يجب على أهل الإيمان أن يتأدبوا ويتخلقوا به عند مواجهة عدوهم، فانتظمت أسبابَ النصر وعُدَّة المعركة. فحريٌّ بمن استمسك بها أن ينصره الله ويكسر عدوه، وهي على ما ذكر الإمام النووي في "الأذكار" -نقلا عن بعض أهل العلم- أجمع شيء في أسباب النصر وأدب القتال.
قال سبحانه: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) [الأنفال: 45-47].
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا).
هذا أول أسباب النصر: الثبات وعدم الفرار عند اللقاء. وقد ضرب الذي أُنزل عليه القرآن بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في الشجاعة والثبات ورباطة الجأش في مواطنَ تنخلع فيها القلوب، وتطيش العقول، كما وقع له في أُحدٍ وحُنينٍ يوم فرَّ عنه كثير من أصحابه (وهم أهل الشجاعة والحرب)؛ لكثرة عدوهم ومفاجأته لهم= فثبت ثبات الجبال الراسيات ينادي على أصحابه يجمعهم ويثبِّتهم، يصدق فيه قول القائل:
على الزَّعازِع والأهوال والباس
لو مادت الأرض يبقى الشامخَ الراسي
ثم ذكر الله ثاني الأسباب فقال: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
فتأملوا كيف لم يأمر سبحانه بالذكر مجردا، بل أمر به مع الكثرة، ثم علق عليه الفلاح. والذكر هنا يشمل الذكر المعروف والدعاء والثناء على الله سبحانه، فكل هذا مطلوب عند المواجهة، وبه يُستمطر النصر والظفَر.
إنه الحصن الحصين، والملاذ الآمن، والاتصال بالقوة التي لا تُغلب، والبراءة من الحول والقوة إلى حول الله تعالى وقوته.
ومن تأمل حال النبيين وذكرَهم ودعاءهم وتكبيرهم واستغاثتهم في قتال عدوهم علم أثر ذلك وشأنه في حصول النصر والكفاية.
وتمضي الآيات في ذكر الأسباب فيقول جل ذكره: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ).
يأمر الله هنا بطاعته وطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهي العدة والسلاح الذي من تعرَّى منه لقي العدو حاسرا ذليلا مهينا مخذولا، وينهى في السياق نفسه عن التنارع والاختلاف، ويعلق على حصولهما الفشلَ والضعف وذَهاب القوة.
وتأملوا كيف أمر بطاعته وطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأعقب ذلك بالأمر بالاجتماع والنهي عن التنازع؛ ليُعلم أن الاجتماع المقصود المحمود إنما هو الاجتماع على الحق لا على غيره. [أشار إلى هذا المعنى الشيخُ الطريفي فرج الله عنه في "التفسير والبيان لأحكام القرآن" (3/1418)].
الطاعة والاجتماع قوة وعزة، والمعصية والتنازع والفرقة ذلٌّ وضعف وهوان.
ثم قال سبحانه ذاكرا رابع الأسباب: (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).
الصبر أعظم ما يحتاجه المقاتل عند لقاء عدوه، "وإذا كان مطلوبا في كل حين، وفي كل حال فهو أشد ما يكون طلبا عند الأزمات والشدائد التي تضيق فيها الصدور، وتَهِن العزائم، وتتزلزل القلوب، ومنها: ساحات القتال ومواجهة الأعداء، فالصبر هنا فريضة وضرورة، فريضة يوجبها الدين، وضرورة تحتمها الحرب" [فقه الجهاد (1/668) للشيخ القرضاوي].
قال جل وعلا يحكي عن النبيين وأتباعهم: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) [آل عمران: 146].
ثم خُتمت الآيات بالإشارة إلى آخر الأسباب، وهو الإخلاص وتجنب البطر والرياء.
قال سبحانه: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ).
نعم، هذا قتال أهل الإيمان، في سبيل الله وابتغاء وجهه ومرضاته، لا تحركهم الحمية والعصبية، ولا يقاتلون تحت الرايات الجاهلية، ولا يخرجون أشرا ولا بطرا، ولا يبتغون جاها ولا محمدة من أحد، قلوبهم متعلقة بمرضاة ربهم سبحانه، (الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ) [النساء: 76].
أخرج الشيخان من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، فَأَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: (مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ).
هذا القتال الذي وعد الله أصحابه بالنصر والتمكين والرفعة في الدنيا والآخرة.
ربنا أعنا ولا تعن علينا، وانصرنا ولا تنصر علينا، واهدنا ويسر الهدى لنا، وانصرنا على من بغى علينا، ربنا اجعلنا لك ذكَّارين، لك شكَّارين، لك رهَّابين، لك مِطواعين، لك مخبتين، إليك أوَّاهين منيبين، ربنا تقبل توباتِنا، واغسل حوباتِنا، وأجب دعَواتِنا، وثبِّت حُجَّاتِنا، واهد قلوبنا، واسلل سَخيمة صدورنا.
بسام بن خليل الصفدي
استمرار الجولات الدعوية على مشافي المحافظة الوسطى بقطاع غزة
تواصل الدائرة الدعوية في جمعية ابن باز تنظيم جولات دعوية في مشافي المحافظة الوسطى بقطاع غزة. وفي جولتهم الأخيرة، وصل الدعاة إلى مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح، وهناك تحدثوا بكلمات...
عرض التفاصيلجولة دعوية على مشافي المحافظة الوسطى بقطاع غزة
نظمت الدائرة الدعوية في جمعية ابن باز جولة دعوية جديدة في المحافظة الوسطى بقطاع غزة، بمشاركة عدد من الدعاة الأكارم. وتمت الجولة على مشافي المحافظة، والتي استهدفت المرضى والجرحى، وتذكيرهم...
عرض التفاصيلجولة دعوية في مواصي خانيونس جنوب قطاع غزة
جددت الدائرة الدعوية في جمعية ابن باز الخيرية تنظيم جولات دعوية بين الناس في الأسواق في مختلف مناطق النزوح بقطاع غزة. وتمت الجولة الجديدة في أحد أسواق منطقة مواصي خانيونس...
عرض التفاصيل